القاضي
الجنائي الدولي بين حقوق الدفاع وواجبات القضاء
Grégory BERKOVICZ
Doctorant en droit
public , Université de Caen Basse-Normandie
** المؤلف : Grégory BERKOVICZ
** دكتور في القانون العام ، جامعة كان باس نورماتدي
ترجمة الاستاذ محمد العشري
https://www.facebook.com/mohamed.elashry.1848
** تطبيق
ضمانات حقوق الدفاع
ان الرد الذي قد
قدمه قضاة المحكمة العسكرية الدولية في نورمبيرج Nuremberg حول احترام مبداء مشروعية ( قانونية ) الجنح والعقوبات كان ذلك
الرد يقوم علي أساس السلطة التي تنتمي لكل دولة في التصديق علي الحق من خلال اقامة
محاكم خاصة. وهذا الرد لم يتم تناوله ثانية بكل تأكيد من قبل المحاكم الجنائية
الدولية والتي قد نتجت عن ارادة مجلس الامن في الامم المتحدة والذي يتصرف علي أساس
الفصل السابع من اتفاقية الامم المتحدة.
وفي الواقع,
التفكير الذي يتضمن تبرير قانونية ومشروعية تلك المحاكم الجنائية الدولية يقوم علي
أساس المجتمع الدولي. وعندئذ, يطرح نفسه ذلك السؤال المتعلق بالعلاقة القانونية
القائمة بين الفرد الخاضع للمحاكمة والمجتمع الدولي الذي قد أقام المحكمة. وفي
المقام الاول, الدولة التي يعتبر الشخص الملاحق قضائيا ( المقاضي ) أحد رعاياها ,
يتم الاعتبار بأنها قد قبلت بالمحكمة, سواء أكانت تلك المحكمة قد نتجت عن اتفاقية
( المحكمة الجنائية الدولية ) أو قد نتجت عن قرار مجلس الامن الفصل السابع. ومع
ذلك, يوضح بعض المؤلفين أن التبرير الجوهري والاساسي لقانونية مثل تلك المحكمة
(الاختصاص ) يقوم علي أساس ضمان احترام حقوق الدفاع للشخص المقاضي.
والقاضي الجنائي
الدولي, والذي يعتبر موضع للمنازعات الدائمة والذي يبحث اذا عن المشروعية, يجب
عليه أن يكون اذا بتوازن دقيق بين احترام حقوق المتهم واحترام ضرورة وحتمية تحقيق
العدالة, سواء أكان الامر يتعلق بالضمانات القضائي (أ ) أو يتعلق بالضمانات
الاجرائية ( ب ).
- الضمانات القضائية ان الضمانات القضائية التي
تقدمها المحاكم ذات الطابع الدولي يمكن في هذا الصدد أن تبدوا أكثر فاعليه من تلك
الضمانات التي تقدمها المحاكم الداخلية والتي يمكن لحياديتها أن تكون موضع جدال.
كما أن قيام المجتمع الدولي (الجماعية الدولية ) بتخليص المتهم من قاضيه الطبيعي
من أجل استدعائه أمام محكمة دولية قد تم عرضه من خلال دائرة الاستئناف (غرفة
الاستئناف ) في القضية طاديك Tadic والمشار اليها سابقا ( نهاية ص 105 )
علي أنها تمثل ضمان بأن يتم الحكم بطريقة أكثر عدالة وانصاف وأكثر استقلالية وأكثر
نزاهه وبصرف النظر عن وقائع القضية, والتي لا يمكن لأي محكمة قومية أن تضمنها.
وهذا الضمان
للاستقلال وللحيادية يمثل شرط (مطلب) قوي بالنسبة للمحكمة الاوربية لحقوق الانسان
طبقا للمادة 6 الفقرة 1 من اتفاقية حقوق الانسان. ولكن , لو أنه وفقا لبعض
المؤلفين, أن هذه الاستقلالية تكون مطلقة عندما يتعلق الامر بالمحكمة الجنائية
المستقبلية , فإنها تبدوا وفقا لبعض الملاحظين الاخرين علي أنها تكون موضع جدل
ونقاش بشكل أكبر عندما يتعلق الامر بالمحكمة الجنائية في يوجوزلافيا السابقة (هامش
رقم 37 ) . وفي هذا الصدد , يبدوا أن بعض المشكلات المعنوية ( المتعلقة بالمعني )
والوظيفية والتي قد تم توضيحها والمتعلقة بالمحكمة الجنائية الدولية ليوجوزلافيا
السابقة قد تم مراجعتها بشكل واسع وتصحيحها في نظام المحكمة المستقبلية خاصة من
خلال ادخال غرفة اعدادية تمهيدية والتي تتدخل في المرحلة السابقة للدعوي والتي
تكون مكلفة بشكل خاص بعمليات التحقيق بناء علي طلب النائب وبتأكيد التهم التي علي
أساسها يستهدف النائب الاستناد. وعلي العكس , التساؤلات المتعلقة بالاستقلال
السياسي للقاضي الجنائي الدولي لم يتم اثارتها في لائحة روما, وفي هذا الصدد, ليست
الأهمية تكمن بدون شك في تأكيد الدور السياسي للقاضي الجنائي الدولي في سياق
العلاقات الدولية. ولكن الأكثر أهمية هو مظهر دوره السياسي. وحول تلك النقطة, قد
أوضح Rony Brauman أن "هذا القضاء الدولي في العالم يتم اعتباره قضاء للاقوياء
" (هامش 28) .
وثمة تشكك ( تخوف
) أخر قد تم إثارته فضلا عن ذلك فيما يتعلق بالضمانات القضائية التي تتعلق
بالمحاكم الجنائية الدولية : وهذا التخوف الذي يتمثل في تكييفها بكونها محاكم (
هامش رقم 39 ) .
ومن خلال قيام
البروفيسور كارلوا سانتولي Carlo Santulli بتعريف المحكمة علي أنها
" هيئة تنهي نزاع من خلال قرار إلزامي والذي يصدر تطبيقا للقانون " ,
فإنه قد استنتج من ذلك أن المحاكم الجنائية الدولية , والمحكمة الجنائية الدولية
المستقبلية لا يستوفيان كلاهما الثلاثة شروط (النزاع , تطبيق القانون , الطابع
الالزامي) , وفي المقام الاول, يعتبر المؤلف أنه عندما تصدر المحكمة الجنائية
الدولية ليوغوسلافيا السابقة قرارات علي أساس القانون الجنائي اليوغسلافي, فهذا
تكون نتيجته أن القرارات السابقة لا يكون قد تم اصدارها علي أساس القانون الدولي,
وفي المقام الثاني, يعتبر أن القوة الالزامية للقرارات (الاحكام ) الصادرة تستند
ليس الي سلطة الامر المقضي ولكن تستند الي القانونية الاستثنائية والتي يضعها مجلس
الامن علي أساس الفصل السابع. والمحاجه (مجموعة الحجج والادلة ) يمكن أن تبدوا
مغالطة, ومع ذلك تلك المحاجة ليست مجردة من الاهمية. ورغم ذلك, تؤدي تلك المحاجة الي
الاعتراض والاحتجاج علي الاهلية ( القدرة ) الفعلية لمجلس الامن علي انشاء واقامة
"محكمة " .
ان تفكير المؤلف
حول المحكمة الجنائية الدولية تفكير مختلف. فهو يشير في الواقع الي الضرورة
والحتمية المطلق لوجود نزاع " في قلب الدعوي, بما في ذلك النزاع الجنائي
". ويكمل ويتابع المؤلف تحليله ويشير الي شروط اختصاص المحكمة والتي لا يكون
بامكانها أن تفصل في قضية الا لو أن الدولة التي يحمل المتهم جنسيتها أو الدولة
التي علي أرضها تم ارتكاب الجريمة قد منحت الاختصاص للمحكمة, ما عدا اذا ما كان
هناك تدخل من مجلس الامن علي اساس الفصل السابع (وهذا ما يرجع الي شروط مماثلة
لشروط المحاكم الملائمة الخاصة ). ويستنتج المؤلف من ذلك عدد من المشكلات
القانونية (القضائية) والمتعلقة بتطبيق المبدأ "لا عقوبة بدون قانون "
ومبدأ الاثر المتعلق بالاتفاقات ( الشيء الواقع الحاصل بين الغير ). ويستنتج من
ذلك أيضا وبشكل خاص أيا كان الافتراض, أن "النزاع المفترض بين الهيئة (
المنظمة ) التي يمثلها النائب والشخص تؤدي الي التزامات بالنسبة للغير في الدعوي
والذين ليسوا أطراف في النزاع" . ويوضح كذلك أنه " من خلال اللائحة, أن
الدول تتعهد بتوقيع عقوبات (فاعلوا ) مرتكبوا بعض الوقائع والتي تحددها وتعرفها
الاتفاقية. وتكمن وظيفة المحكمة في أنها تشير الي من هم هؤلاء الافراد في بعض
الحالات خاصة عندما يكون الاشخاص الذين هم موضع شك لدي النائب الدولي لم يتم
معاقبتهم من قبل السلطات (الجهات ) القومية. والدولة يتم عندئذ تحديدها وتعيينها
من أجل تطبيق العقوبة ". ويعتبر المؤلف اذا أن المحكمة الجنائية الدولية هي
هيئة إدارية في المساعدة في التنفيذ. وهذا التحليل الثاني يثير تساؤل أكثر جوهرية
من التحليل السابق . وهو تحليل المكانة الخاصة بالأفراد وبالدول في المجتمع
الدولي.
....................................
فيديو 21
ان المبدأ العام
في القانون الجنائية لقانونية ( مشروعية ) الجنح والعقوبات والذي قد تم الاشارة
اليه سابقا قد أثار أيضا جدل ونقاش, عندما تعلق الامر بتطبيقه من خلال القاضي
الجنائي الدولي. وهذا المبدأ , الذي يتم الاشارة اليه وبقوة واستمرار في الوسائل
الدولية الكبر لحماية حقوق الانسان ( هامش رقم 40 : المادة 11 – 2 من الاعلان
العالمي لحقوق الانسان والمادة 15 من الميثاق المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية
ينصان علي أنه "لن يمكن أن يتم ادانة أي شخص بسبب أفعال أو أخطاء والتي, في
لحظة ارتكابها لم تكن تمثل فعل جنحي وفقا للقانون الدولي. وكذلك, لم يتم توقيع أي
عقوبة عليه أقوي من تلك العقوبة التي كان يمكن أن يتم تطبيقها ( التي كانت واجبة
التطبيق ) في اللحظة التي قد تم ارتكاب الفعل الخاطئ فيها " ) , يمثل أيضا
ضمان أساسي وفقا للمادة 7 من الاتفاقية الاوربية لحقوق الانسان ووفقا لقضاء
المحكمة ( هامش رقم 41: المحكمة الاوربية لحقوق الانسان ؟, 9 فبراير 1995) . ولكن
وفقا لبعض المؤلفين, لو أن ثمة شكوك كانت متعلقة باحترام هذا المبدأ من قبل القاضي
الجنائي الدولي, فثمة ملاحظين أخرين يثيرون اعتراضات والتي تستحق أن يتم ذكرها
والاشارة اليها. والنقاش لم يعد ينصب , كما كان في حالة قضية نورونبيرج Nuremberg -
Tokio , ( نهاية ص 106 ) لم يكن
ينصب علي الطابع الرجعي أو غير رجعي للاتهامات الموجهه ضد المتهمين.
ان التساؤلات
كانت يتم إثارتها حول قانونية ومشروعية العقوبات. وفي المقام الاول, عندما يتعلق
الامر بالمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة, فينبغي أن نشير الي أن
الاختصاص الزماني يشمل فترة سابقة لتكوينه. ولذلك فإن المادة 24 من اللائحة تنص
علي أن المحكمة "قد لجأت الي اللوحة العامة لعقوبات السجن والمطبقة من قبل
المحاكم في يوغوسلافيا السابقة " . ولكن يمكن أن نوضح أن القانون الجنائي اليوغوسلافي
والمعمول به في وقت الوقائع كان ينص علي معاقبة جريمة القتل الجماعي والجرائم ضد البشرية
من خلال عقوبة الاعدام أو في حالة عدم توقيع تلك العقوبة, يتم المعاقبة علي تلك
الجرائم بعقوبة 20 سنة سجن. ورغم ذلك , القضاة محرروا لائحة الاجراءات والدليل قد
نصوا في المادة 101 علي أن "كل شخص والذي قد تم أو والذي قد أقرت المحكمة
بانه مذنب فإنه يستوجب السجن والذي يمكن أن يصل الي السجن مدي الحياة " (
هامش رقم 43 ). وفي المقام الثاني, عندما يتعلق الامر بالمحكمة الجنائية الدولية,
فليس هناك أي حاجة لمثل ذلك التفكير ( المنطق ) . وكما قد تم التوضيح , قضاة
المحكمة المستقبلية لن يكون لديهم من أجل تحديد العقوبات التي سوف يتوجب عليهم
النطق بها , لن يكون لديهم إلا لائحة مختصرة والتي بالكاد تكملها لائحة غير كاملة.
وفي الواقع, القاعدة 145 تقتصر علي توضيح مبدأ تفريد النطق بالعقوبات والتعريف
بشكل موجز ومختصر لمفاهيم الظروف المخففة والمشددة وذلك بالنسبة لمجمل المخالفات
(الجرائم ) التي تستوجب العقوبة والتي قد تم النص عليها في القانون ( النظام
الاساسي). وهذه النقطة الأخيرة هي وبدون شك النقطة الأكثر أهمية عندما يتعلق الامر
بالصعوبة ( المشكلة ) التي سوف يواجهها القضاة في المستقبل : الحرية الكبيرة التي
سوف تكون لديهم في تحديد العقوبات سوف تتعارض وتتناقض في البداية مع المبدأ الذي
تم الاشارة اليه مسبقا.
وثمة نقطة أخيرة
والتي قد تم إثارتها بخصوص الضمانات القضائية والتي تقدمها المحاكم الجنائية
الدولية فيما يتعلق بحقوق الدفاع , ألا وهي مسألة التحديد الدقيق للقواعد
الاجرائية والتي تضمن احترام حقوق الدفاع وهذه المسألة ترجع الي مفهوم "
المحكمة التي يقيمها القانون " . وفي الواقع, عندما يتعلق الامر بالمحاكم
الدولية نورمبرج في طوكيو ومؤخرا المحاكم الجنائية الدولية في لاهاي , فإن غياب
المشرع الدولي قد أدي الي منح القضاة أنفسهم لسلطة وضع وتعديل قواعد الاجراءات
الواجبة التطبيق. وكذلك , لائحة الاجراءات والإثباتات والواجبة التطبيق أمام
المحاكم الجنائية الدولية كانت موضع لعدد كبير من التعديلات والتي قد سببت إخلال بالأمن
القانوني ( القضائي ) والعملي التطبيقي والذي
كان موضع للجدل والاعتراض من قبل الفقة وكذلك من قبل المحامين الذين كان
عليهم الترافع أمام تلك المحاكم . ان محرروا النظام الاساسي للمحكمة الجنائية
الدولية قد تجنبوا هذه العقبة بالنسبة للمستقبل وذلك لأن لائحة الاجراءات
والاثباتات قد تم اتخاذها وتعديلها من قبل مجلس الدول الاطراف ( الاعضاء ) .
فيديو 22
ب –
الضمانات الاجرائية
ان مسألة الحكم
الصادر غيابيا علي متهم بجريمة أمام المحاكم الجنائية الدولية لم يتم تسويتها
تماما من خلال صياغة نصوص نظهما الاساسية ( قوانينها ) . وفي الواقع, المادة 21 من
قانون المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة تنص علي حق المتهم في أن يكون
حاضر في الدعوي . ورغم ذلك , هذا الحق يمكن أن يتم تفسيره علي أنه امكانية , وهذا
ما يمكن أن يسمح للمحكمة بالحكم علي أشخاص والذين قد تم اخبارهم وفقا للاصول
والقواعد بقرار الاتهام حتي في حالة غيابهم. ويمكن أن يكون كافيا أن يتم التحقق من
شروط التخلي عن المثول أمام المحكمة والنص
علي امكانية إزالة اثر الحكم الغيابي بحضوره. ومع ذلك , عندما قد قبلت محكمة
نورومبرج بشكل صريح ومارست إمكانية الحكم غيابيا وبعدما قد تعرضت للعديد من
الانتقادات اللاذعة في هذا الصدد , فإن إمكانية الحكم غيابيا قد تم رفضها بشكل عام
من قبل الفقة الانجلوا ساكسونسي .
ان قضاة المحاكم
الجنائية الدولية المعاصرة , والذين هم واضعوا لائحة الاجراءات ( الاثباتات والأدلة
) والمتأثرين بدرجة كبيرة جدا بالشروط الاجرائية في القانون القضائي, قد اختاروا الإجراءات
التي تستثني وتستبعد امكانية الحكم غيابيا . ومع ذلك , قد نصوا علي حل مختلط والذي
يكمن في المادة 61 و التي تتعلق بالاجراءات الواجبة التطبيق في حالة عدم تنفيذ
بتنفيذ أمر القبض وهذه المادة تنظم الجلسة العامة العلنية والتي تسمح بمثول الشهود
وتأكيد قرار الاتهام . ولو أن تلك المادة تمثل قرار ملحوظ , فإنها تمثل فضلا عن
ذلك " مسخ " قانوني ومادة بديلة والتي لا ترضي أي شخص " ( هامش رقم
47 ) .
ان النظام الأساسي
( القانون ) للمحكمة الجنائية الدولية يختار أيضا وبوضوح تقليد القانون القضائي,
ومن وجهة أو ومن هذا المنطلق, فإن الوضع الفرنسي , المؤيد والملائم للحكم غيابيا ,
قد تم استبعاده واستثنائه بوضوح من خلال المادة 63 من القانون والتي تنص علي أن
"المتهم يحضر دعواه " . وعند المفاوضات , قد اعتبرت دول القانون الانجلو
ساكسوني أن أمكانية النطق بالحكم غيابيا سوف تكون مخالفة لمصداقية ولمشروعية
القضاء الدولي . وعلي العكس, المادة 61 الفقرة 2 من قانون روما , والتي تقتبس في
الوقت ذاته من الحل الذي اتخذه قضاة المحكمة الخاصة ومن اقتراح فرنسا ( هامش رقم
49 : الموقف الفرنسي قد تم تشكيله بشكل خاص خلال الاعمال التمهيدية في شكل مشروع
بديل للقانون والذي تم تقديمه في اغسطس 1999 ) , تنص هذه المادة علي امكانية
بالنسبة الغرفة الاعدادية التمهيدية لأن تعقد جلسة في فياب المتهم بهدف تأكيد
التهم التي يستهدف النائب اسناد اتهامه علي أساسها . (
نهاية ص 107 ) . وتسمح تلك الامكانية بتسجيل وحفظ الادلة والشهادات (
هامش رقم 50 : الغرفة الاعدادية تتدخل أيضا في مرحلة التحقيق من أجل تجنب خطر ضياع
وفقدان الادلة ( المادة 56 من القانون ) , وذلك في ضوء الافتراض الذي فيه يمكن الا
يتم ايجاد المتهم. ومحرروا القانون يمكن أيضا أن يذهبوا لأبعد من ذلك وأن يقبلوا
بالحكم الغيابي , عندما يحددون أو عندما يحيطونه بالاحتياطات , بدون أن يخالفوا
مبدأ احترام حقوق المتهم ( هامش رقم 51 : المحكمة الاوربية لحقوق الانسان , 12
فبراير 1985 ) .
وعلي العكس ,
عندما يتعلق الأمر بقرينة البراءة , فإن بعض المؤلفين ( هامش رقم 52 ) يوضحون أن القوانين الاساسية
للمحاكم الجنائية كانت تحمل في البداية أثار وعلامات سياق النزاع المسلح وفي
الحقيقة, قد تمت الإشارة فيها , منذ أو بداية من المادة الاولي , " الي
الاشخاص الذين يفترض أنهم مسئولين عن انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الانساني
" . وغم ذلك فإن الامر لن يتعلق الا بالحالة المعنوية ( المتعلقة بالمعني ) ,
فتلك الحالة تخالف المبدأ الاساسي للاجراءات الجنائية ( هامش رقم 53 : مع ذلك ,
ينبغي أن نوضح أن احترام هذا المبداء يتم تقييمه في ضوء الاجراءات في مجملها :
المحكمة الاوربية لحقوق الانسان , 6 ديسمبر 1988 ) .
و بناء علي مفهوم الحق في دعوي عادلة فقد تم انتقاد
المحاكم الدولية طوكيو و نيورومبرج . وبهذا الخصوص قد تحدثنا عن قضاء المنتصرين .
ولهذا السبب فإن القوانين الاساسية للمحاكم الجنائية الدولية المعاصرة قد اهتمت
بدرجة كبيرة بالمحافظة علي حقوق الدفاع في تلك النقطة.
وفي هذا الصدد ,
القانون الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية في مادته 55 , قد أكد بشكل خاص علي
الحقوق المعترف بها للمشتبه فيهم ( للمتهمين ) في اطار التحقيق بالنسبة للاجراءات
واجبة التطبيق أمام المحاكم الجنائية الدولية . والمادة 67 السابق ذكرها ,
والمتعلقة بحقوق المتهم, تضع لوحة كاملة بالمقاييس والمعايير السامية في هذا الصدد
( هامش رقم 55 : يمكن أن نوضح علي هذا النحو الحق في أن يتم اخباره بطبيعة وسبب
الاتهام , وبحقه في أن يكون لديه مترجم , وبحقه في أن يستعين بمساعد له ( بمستشار
) وحقه في الدفاع وحقه في عدم اتهام ذاته وحقه في أن يتم الحكم في قضيته بدون
تأخير متجاوز وحقه في علانية الاجراءات ) .
ورغم ذلك ,
الممارسات الاجرائية لا تعتبر بشكل دقيق انعكاس لتلك النصوص . ان حقوق الدفاع ,
وبخاصة في مجال الاطلاع علي المستندات والادلة , يمكن أن تتناقض وتتعارض مع قوانين
الدول ومع حماية الضحايا والشهود وثمة عدم توازن كبير بين الاتهام والدفاع والذي
قد تم انتقاده بشكل قانوني من قبل المحامين المترافعين أمام المحاكم الجنائية
الدولية .
وبدون شك , ومن
أجل الرد علي تلك الاتهامات فإن المادة 54 من القانون الاساسي للمحكمة الجنائية
الدولية ينص علي التزام النائب بالتحقيق في أدلة الاثبات وأدلة النفي , كما أن
المادة 57 من القانون الاساسي تنص علي انشأ ( اقامة ) غرفة تمهيدية اعدادية مكلفة
بضمان احترام حقوق الدفاع في مرحلة الاتهام .
.........................
فيديو 23
ان الانتقادات
الموجهه ضد نشاط المحاكم الجنائية الدولية كان لها صدي كبير لدرجة أن عمل تلك
المحاكم يفترض أن يعلن عن عمل المحكمة الجنائية الدولية في المستقبل . ولذلك فإن
القضاء المتعلق بحقوق الدفاع وبمفهوم الدعوة العادلة قد تم ادراكه واعتباره علي
أنه يجب أن يحدد المعيار واجب التطبيق علي الدعوي الجنائية الدولية . وحول تلك
النقطة ( وفي هذا الصدد ) ثمة نتيجة مزدوجة ثنائية تفرض نفسها: من جانب, نشاط
المحاكم الجنائية الدولية قد سمح بتحديد القواعد الاساسية الدولية للدعوي الجنائية
الدولية وبخاصة في ضوء حقوق الدفاع ولكن , من جانب أخر , قد بينت الحدود التي
تتعلق بخصوصيات القانون الجنائي الدولي , وكذلك , في سياق النزاع المسلح , حماية
الشهود والضحايا, والصعوبات المتعلقة بإقامة الأدلة وضرورة الوصول الي تعاون الدول
تمثل كلها حدود لحقوق المتهم , سواء أكان الأمر يتعلق بحقه في دعوي عادلة أو بحقه
في أن يتم الحكم في دعواه بدون تأخير أو أكان الأمر يتعلق بتطبيق الحبس المؤقت أو
أيضا تطبيق مبدأ " لا يعاقب علي جرم واحد مرتين " .
وعندما يتعلق الأمر
بتلك النقطة الاخيرة , وبدون أن ندخل في نقاش والذي يمكن أن يتجاوز إطار دراستنا
فينبغي أن نشير الي أن المحكمة في المستقبل لو أرادة أن تكون محكمة مكملة للمحاكم
القومية – في حين أن القوانين الأساسية للمحاكم
الخاصة تضع مبدأ الأولوية علي المحاكم القومية – فإنها تتمتع , من خلال المادة 17 إلى
19 والمتعلقة بالمقبولية و بالرغم من المادة 20 والتي تحمل عنوان " لا عاقب
علي جرم واحد مرتين " , فهناك وسائل قانونية تسمح " بتخليص " مشتبه
فيه أو متهم وكذلك مدان ( محكوم عليه ) من محكمة قومية .
وفي هذا الصدد ,
مسألة ادارة الاثبات أمام القاضي الجنائي الدولي تعتبر وبدون شك مسألة أكثر أساسية
وجوهرية . وفي الواقع في اجراءات التحقيق والاتهام والواجبة التطبيق أمام المحاكم
الجنائية الدولية , وبعيدة عن حيادية واستقلالية النيابة العامة الدولية , والتي
يتم القبول بها بشكل أولي , فنجد في مرحلة ادارة ومناقشة الدليل ظهور مفهوم العدل
( الانصاف ) بين الاتهام والدفاع.
وأمام المحاكم
الجنائية الدولية , فإن النائب هو الذي يوجه ويدير قبل كل شيء البحث عن الدليل ,
ويستند بشكل أساسي وجوهري الي شهادات . ولكن النائب لا يقوم بالتحقيق إلا في أدلة
الاثبات . وبعد ذلك يخضع ( يقدم ) قرار الاتهام (
نهاية ص 108 ) لغرفة الدرجة الاولي والتي تؤكد في ضوء القرائن أن هناك
مجال لأن يتم اتخاذ إجراءات . وتلك الصيغة يبدوا أنها تصدم مبدأ قرينة البراءة .
وبعد ذلك, وعلي أساس الأدلة الخطيرة والمتوافقة والتي تستهدف إثبات وتوضيح أن
المشتبه فيه يمكن أن يرتكب مخالفة والتي تتعلق باختصاص المحكمة, فإن النائب سوف
يكون بامكانه أن يطالب بالحبس المؤقت . وفي النهاية , سوف تقوم غرفة الدرجة الأولي ( الغرفة الابتدائية ) بالنطق بالجريمة
المحتملة وذلك علي أساس إثباتات وأدلة
مقنعة .
وبعد ذلك , من
الواضح والبديهي أن سياق النزاع المسلح يؤدي الي تخفيض وتقليل مستوي التأكد
واليقين والذي هو مشترط عليه ومطلوب من أجل اعتبار أن شهادة معينة هي شهادة موضع
ثقة ( موضع مصداقية ) . وفي هذا المجال , سلطات قضاة المحاكم الجنائية الدولية يتم
تحديدها أو يبدوا أنها تكون تقريبا محددة ومحصورة . وفضلا عن ذلك , سياق الدعوي
الدولية ونتائجها المنطقية الطبيعية ( إغفال أسم الشهود , التناول الاعلامي للدعوي
, الالتزام بتعاون الدول ) يؤثر هذا السياق بشكل كبير علي حقوق المتهم .
واليوم , من
الاكثر صعوبة أيضا بأن نقول بأنه لو أن الاحتياطات والتدابير والتي قد تم اتخاذها
من خلال القانون الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المستقبل ومن خلال لائحة و
الاجراءات والادلة سوف تكفي لمعالجة تلك الصعوبات ( المشكلات ) وسوف تكفي لإيجاد
نقطة توازن بين حقوق الدفاع وبين تصريحات الجرائم الملاحقة قضائيا . وسوف يكون
الرد مرتبط بشكل واسع بالممارسات القضائية وخاصة بممارسات النائب المكلف بالتحقيق
في أدلة الإثبات وأدلة النفي .
وفي هذا الصدد ,
ثمة ملاحظتين مكملتين يمكن أن يتم إضافتهما
. من جانب يبدوا أن المحاكم الدولية في عملها تتأثر بطابع نظام الأمم المتحدة أو
تستشعر الصدمة من طابع نظام منظمة الامم المتحدة , كما أنها تقدم بعض عيوبه :
متهمين تم القبض عليهم منذ سنوات ولا تزال قضاياهم في مرحلة الدفوع المسببة للضرر
وبداء الاجراءات الداخلية , والوسائل التقنية الفنية المستخدمة والمطبقة والتي
يمكن لبطأها أو لثقلها ولصعوبتها أن تشل وتوقف عمل المحاكم , وعدد العاملين
الموظفين اللازمين في ضوء عدد ( بالنظر الي عدد )
المقبوض عليهم تعتبر كلها بمثابة ثغرات والتي تثير تلك المسألة المتعلقة
بمعرفة اذا ما كان عمل الامم المتحدة قادر علي تحقيق وتنفيذ القضاء . وفي الواقع ,
بطئ القضاء الدولي ليس فقط انتهاك للحقوق الاساسية للمتهمين وللضحايا فبطئ القضاء
يجعل القضاء أيضا غير ثابت وغير مؤكد ( هامش رقم 60 : مدة الاجراءات تعتبر أيضا
عنصر أساسي وجوهري لحقوق المتهم : المحكمة الاوربية لحقوق الانسان , 16 يوليو 1971
) . وفي الجانب الجنائي , يستند الدليل بشكل أساسي وجوهري علي الاستجواب
والاستجواب المضاد . فما هي درجة الوثوقية في الشهادات الصادرة حول وقائع والتي
يرجع تاريخها لأكثر من 10 سنوات ؟ ولكن مشروعية القضاء الجنائي تقوم علي أساس
فاعليته و وثوقيته . وبالاضافة الي ذلك , عندما تكون هناك مشكلات مالية وفساد ,
مرتبطة بشكل خاص بعمل الدفاع , وتثير شك معقول حول هدف القضاء الدولي . وفي حالة
عدم امكانية وضع ردود كافية ومرضيه علي تلك التساؤلات , فيبدوا اليوم أن مشروعية
القضاء الجنائي الدولي تمر بتحسين عمله ويمر أيضا بتحسين مكانته في مجتمع دولي
متحول ومتغير . ومن جانب أخر , ملاحظة عمل المحاكم الجنائية الدولية الخاصة يبين
أنه وبعيدا عن أن نلاحظ انقطاع حقيقي فعلي منذ محكمة نورومبرج , فإن القضاء
الجنائي الدولي يظل قضاء للمنتصرين . وهذا يعني أنه , أيا كانت أخطائه أو عيوبه ,
فإن هذا القضاء الأكثر إنسانية , والأكثر احترام لحقوق الدفاع ولكنه في الوقت ذاته
أكثر تكلفة , يمثل احترام من المنتصرين تجاه النخب المهزومة .وفي هذا الإطار , دور
الجوانب الثانية – والتي في الغالب هي الضحايا – يستخدم كمتنفس للضحايا القدامى أو
بالاحري الشهود وذلك في مقابل وصولهم الي محكمة ذلك القضاء النموذجي .
ويمكن أن نتمنى
أن المحكمة الجنائية الدولية في المستقبل تصل الي حل ذلك التناقض ( تلك الازدواجية ) وذلك من خلال منح قضاء أكثر
احتراما لحقوق الدفاع للمتهمين الماثلين أمامه ولكن أيضا استخدامها دائما كمرجع للفاعلية أو لفاعلية القضاء بالنسبة للمحاكم القومية
التي سوف يكون عليها أن تفصل في مثل تلك الجرائم . (
نهاية ص 109 ) . نهاية
الملف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق