قضت محكمة النقض فى حكم لها:
استحدث المشرع نظام الطعن بطريق النقض من النائب العام لمصلحة القانون، لمواجهة صعوبات تعرض في العمل، وتؤدي إلى تعارض أحكام القضاء في المسألة القانونية الواحدة، ويجدر لمصلحة القانون والعدالة عرض هذه المسألة على المحكمة العليا لتقول كلمتها فيها فتضع حداً لتضارب الأحكام.
ولما كان الطعن بهذه المثابة لا يتقيد بميعاد لأنه إنما يستهدف مصلحة عليا هي مصلحة القانون لإرساء المبادئ القانونية الصحيحة على أساس سليم، وكان الخصم الحقيقي في هذا الطعن هو ذات الحكم المطعون فيه، بما لا محل معه لدعوة الخصوم، فقد أوجبت المادة أن يوقع النائب العام نفسه على صحيفة الطعن أو التقرير بالنقض بحسب الأحوال، مما مفاده أن هذا التقرير أو تلك الصحيفة تعدان ورقة شكلية من أوراق الإجراءات في خصومة النقض المرفوعة بهذا الطريق، والتي يجب أن تحمل مقومات وجودها، فيتعين أن يوقعها من ألزم القانون صدورها عنه وهو النائب العام، اعتباراً بأن التوقيع هو السند الوحيد الذي يشهد بحصولها ممن صدرت عنه على الوجه المعتبر قانوناً.
لا يغير من ذلك أن يكلف النائب العام أحد أعوانه بتولي صياغة الأسباب التي ينبني عليها الطعن، لأنه في هذه الحال يجب على النائب العام أن يوقع على ورقتها بما يعتبر إقراره إياها، إذ الأسباب هي في الواقع من الأمر جوهر الطعن وأساسه، ووضعها من أخص خصائصه، أما إيداع صحيفة الطعن أو التقرير به في قلم كتاب محكمة النقض فليس ثمة ما يمنع من أن يحصل فيه التوكيل باعتباره عملاً مادياً يستوي فيه أن يباشره بنفسه أو يكل أمره إلى غيره.
النص في الفقرة الثانية من المادة 23 من قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 على أنه "وفي حالة غياب النائب العام أو خلو منصبه أو قيام مانع لديه يحل محله المحامي العام الأول ويكون له جميع اختصاصاته" يدل على أن الاختصاص الشامل للمحامي العام الأول والذي يحل بمقتضاه محل النائب العام ويمارس كافة حقوقه واختصاصاته لا يكون إلا عند تحقق حالة مادية تتمثل في غياب النائب العام، أو حالة قانونية تبعاً لخلو منصبه، أو حالة حكمية عند قيام مانع لديه، وكان مؤدى ما تقضي به المادة 25 من ذات القانون من أن يكون لدى كل محكمة استئناف محام عام له تحت إشراف النائب العام جميع حقوقه واختصاصاته المنصوص عليها في القوانين، أنها حددت للمحامين العامين اختصاصاً قضائياً يستند إلى أساس قانوني يجعل تصرفاتهم القضائية في مأمن من الطعن، فخول كلاً منهم في دائرة اختصاصه الإقليمي أو النوعي كافة الحقوق القضائية التي للنائب العام، دون أن تمتد سلطاتهم إلى حق ممارسة الاختصاصات الاستثنائية التي خص القانون بها النائب العام وحده وأفرده بها لحكمة تغياها، ومن ذلك القبيل الطعن بالنقض وفق المادة 250 من قانون المرافعات، ولا يباشرها عنه عند تحقق إحدى الحالات الثلاث السالف بيانها إلا المحامي العام الأول الذي يلي النائب العام طبقاً للتبعية التدريجية في النيابة العامة وليس أي محام عام أول سواه.