قرينة البراءة
من المبادئ الأساسية في الإجراءات الجنائية – تطبيقًا لما كفلته الدساتير المتعاقبة من الحق في المحاكمة المنصفة - أن كل متهم يتمتع بقرينة البراءة إلى أن يُحكم بإدانته بحكم نهائي في محاكمة قانونية عادلة تُكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ، وهو حق نص عليه الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادتيه العاشرة والحادية عشرة ، كما أنه مبدأ استقر تطبيقه في الدول الديمقراطية ، وتقع في إطاره مجموعة من الضمانات الأساسية تكفل بتكاملها مفهومًا للعدالة لا تختلف فيه الأمم المتحضرة ، وذلك أيًا كانت طبيعة الجريمة وبغض النظر عن درجة خطورتها.
ولقد قام على هدي هذه المبادئ حق المتهم في الدفاع عن نفسه وأصبح حقًا مقدسًا يعلو على حقوق الهيئة الاجتماعية التي لا يضيرها تبرئة مذنب بقدر ما يؤذيها ويؤذي العدالة معًا إدانة برىء.
وكان الدستور قد أوجب في الفِقرة الأخيرة من المادة ٥٤ حضور محام موكل أو منتدب مع المتهم عند محاكمته في الجرائم التي يجوز الحبس فيها . كما أوجب القانون حضور محام يدافع عن كل متهم بجناية أحيلت إلى محكمة الجنايات؛ كي يكفل له دفاعًا حقيقيًا لا مجرد دفاع شكليًا؛ تقديرًا منه بأن الاتهام بجناية أمر له خطره، فإن هذا الغرض لا يتحقق إلا إذا كان هذا المدافع قد حضر إجراءات المحاكمة من بدايتها إلى نهايتها؛ حتى يكون مُلِمًا بما أجرته المحكمة من تحقيق وما اتخذته من إجراءات طوال المحاكمة ، ومتى عهد المتهم إلى محام بمهمة الدفاع فإنه يتعين على المحكمة أن تستمع إلى مرافعته، وإذا استأجل نظر الدعوى ورأت المحكمة ألا تجيبه إلى طلبه، وجب عليها أن تنبهه إلى رفض طلب التأجيل حتى يبدي دفاعه أو يتخذ ما يشاء من إجراءات يمليها عليه واجبه ويراها كفيلة بصون حقوق موكله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق